"مَّا كَان مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا"
صدق الله العظيم - (الاحزاب 40 )
كتب الفقهاء و المفسرون الكثير في شرح معنى "الخاتم" (و يقرئها معظم القارئين بفتح التاء في هذه الآية). ومن معانيها الدارجة عند العموم ما يتضمن معنى الآخر والأخير والحلية والمهر الذي تغلق به الرسالة أو المهر الرسمي الذي يعطي شرعية للوثائق الرسمية, وحلية الاصبع ...الخ. ويعتقد البهائيون بأن كل هذه التفاسير والمعاني ممكنة ومقبولة وتنطبق على الرسول محمد (ص). (ولو قد يبدوا للبعض وللوهلة الأولى تضارب بين ايمان البهائيين بختم النبوة في محمد(ص) من ناحية, و بين إتباعهم عقيدة جديدة من ناحية ثانية).
ونرى في تاريخ الاديان وفي حولنا في الوقت الحاضر إن المسلمين ليسوا منفردين في إيمانهم بأن دينهم هو آخر الاديان. فأتباع كل عقيدة, ومنهم المسيحيون واليهود وغيرهم, وبناءاً على آيات ونصوص في كتبهم المقدسة, توصلوا أيضا الى نفس النتيجة. فنرى اليهود على سبيل المثال لم يؤمنوا بسيدنا المسيح (ع) الى يومنا هذا, ولا بالاسلام, بناءاً على مفهومهم وتفسير فقهائهم ورجال الدين لهذه النصوص وغيرها في العهد القديم (التوراة) :
فقال اذهب يا دانيال لان الكلمات مخفية ومختومة الى وقت النهاية. - دانيال 12:9
والنصوص على عدم كسر حكم السبت وهو من اهم احكامهم, كثيرة في التوراة. وحكم الطلاق الذي حرمه حضرة المسيح وغيره من الاحكام التي نسخت حين مجئ الرسالة العيسوية, كل ذلك دعى الى اصرارهم على عدم الإيمان والى الآن.
أما جواب الله عز وجل لهم فكان:
وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ. - 5: 64(المائدة)
أما اخواننا المسيحيون, فاستدلوا بنصوص أخرى (كما يتلي تحت) وأقنعوا انفسهم بأن رسالة المسيح(ع) سوف لن تليها رسالة أخرى مما دعاهم الىعدم الإيمان بالاسلام وحتى الى محاربته, متمسكين بمثل هذه النصوص من الإنجيل:
قال له يسوع انا هو الطريق والحق والحياة. ليس احد يأتي الى الآب الا بي. - يوحنا 14:6
السماء والارض تزولان ولكن كلامي لا يزول. - لوقا 21:33
الله بعد ما كلم الآباء بالانبياء قديما بانواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الايام الاخيرة في ابنه الذي جعله وارثا لكل شيء الذي به ايضا عمل العالمين الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الاشياء بكلمة قدرته بعدما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس في يمين العظمة في الاعالي صائرا اعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسما افضل منهم. - عبرانيين 1:1-4
هذه النصوص و غيرها من التي تحدثت كيف ان معرفة الأب السماوي (الله عزوجل) ليست ممكنة سوى عن طريق المسيح(ع) وكيف إن كلمات المسيح سوف لن تبدل أبدا, أدت بالمسيحيين وبسبب تمسكهم بالتفسير الحرفي لهذه النصوص, أن لا يؤمنوا بأي رسول أو نبي بعد المسيح.
ونرجع في بحثنا عن معنى (أو معاني) ختم النبوة فنرى إن الآية المباركة في سورة الأحزاب (33:40) وغيرها من الآيات التي تحدثنا عن إكمال الدين في الإسلام , قد فسرها معظم المسلمين وفقهاء الإسلام بمعنى إنقطاع وإنتهاء ليس مقام النبوة فحسب, بل مقام الرسالة ايضا (أو قدوم أي مبعوث من الخالق بأي صفة كان). والكثير من المسلمين يضيفون كلمة "المرسلين" عندما يذكرون الرسول(ص) فيقولون مثلا "الصلاة و السلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين".
غير أن هناك اخرين من الفقهاء المسلمين (*) ممن ينظر أيضا الى ايات اخرى(**) في القرآن الكريم من التي تحدثنا عن الطبيعة اللانهائية للكلمات و المعاني الإلهية وعدم نفاذها واستحالة انقطاع فيضها ويبقون المجال مفتوحا لاحتمالات أخرى في التفسير, والعلم لله, فهو جل وتعالى قد حذرنا من تفسير القرآن الكريم تاركا لنفسه هذه المهمة الجسيمة:
لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه - 75:16-19(القيامة) .
هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ -3:7(آل عمران)
وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُل أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً - 17:36(الإسراء)
بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ - 10:39(يونس).
وكذلك في الحديث الشريف:
حدثنا محمود بن غيلان حدثنا بشر بن السري حدثنا سفيان عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح -- 2874 تفسير القرآن عن رسول الله - سنن الترمذي
بعض الافكار عن ختم النبوة (والعلم عند الله):
[u]